
تناسلت المدارس الخصوصية بالخميسات بشكل ملفت في السنين الأخيرة , والحديث عن المدرسة الخصوصية يحيلنا مباشرة عن الجهات الوصية بالمندوبية الإقليمية لوزارة التعليم والطرق التي يتم بها قبول الملفات والمواصفات المتطلبة للتأشير عليها. ثم هل المدارس التي نبتت كالفطر في السنوات الأخيرة تحترم المعايير القانونية وتستجيب لمتطلبات وحاجيات ساكنة الخميسات ، وهل ثمة مراقبة حقيقية لعمليات التمدرس، وهل يتم انجازها وفق المعايير المعتمدة في التعليم العمومي.
مدراس تعمل خارج القانون
لعل المثير للانتباه في بعض المدارس الخصوصية المنتشرة في أحياء سكنية متفرقة ,والتي تتخذ مقار للعمل في شقق وفيلات المعدة أصلا للسكن وعدد الغرف فيها لا تتعدى أصابع اليد الواحدة, وهذا المعطى يحيلنا مباشرة عن مدى احترام المعايير القانونية والتقنية المتطلبة في فتح هذه المؤسسات من عدمه لان اغلب تلك المدارس تنعدم فيها الفضاءات الرياضية والمرافق الصحية وغيرها من المستلزمات الأساسية في عمليات التعليم الجيد القادر على إنتاج جيل من المتعلمين القادر طبعا على التفاعل والتعاطي مع التوجه العام للمؤسسة العمومية التي تتيح هذه الإمكانات مجتمعة بنسب متفاوتة.
والملاحظة الأساسية التي يمكن استخلاصها أن جل المدارس الخصوصية تراهن بل تضع من ضمن أولوياتها الربح المادي السريع وهذا طبعا من حقها مادام أن العملية في مجملها عملية تجارية صرفة،لكن رغم الاكراهات وضعف البنيات التحتية وضعف بنية الاستقبال تبقى هذه المؤسسات بمعزل عن المتابعة والمسائلة القانونية من الجهات المسؤولة محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا, والأخطر في ذلك أن ثمة مدارس يحشرون التلاميذ في حجرات تفتقر إلى ابسط الشروط الصحية بل أن بعضها الأخر يتجاوز الطاقة الاستيعابية المرخص بها للجهات المعنية بالمندوبية خاصة ما يتعلق بعدد التلاميذ المسجلين برسم السنة الدراسية وعدد الفصول والمستويات التعليمية وغيرها من الحاجيات الضرورية التي بفضلها تستقيم العملية التعليمية وتعطي ثمارها.
في غياب الاحتياجات الأساسية والاستجابة للشروط المسطرة في دفتر التحملات وأمام تساهل الرقابة فان بعض المؤسسات تعمل خارج القانون المنظم نتيجة تساهل الجهات المشرفة بالنيابة، كما أن النقل المدرسي يطرح اشكالات متعددة بدوره .
مدارس خصوصية يتهددها الإغلاق
إن الظروف والعوامل التي أنتجت المدرسة الخصوصية متعددة بتعدد قضايا التعليم واكراهات التعلم السليم ، لكن رغم انتشار المدرسة الخصوصية بمواصفات ومعايير معينة بقيت بدون رقابة ولم تستطع بعد الخروج من الطابع التقليدي الذي هيمن عليها في فترة الظهور إذ ظلت نفس المعالم ونفس الإفرازات والمطبات تهمين على سيرها العادي بل انه بفعل غياب المراقبة القبلية والبعدية من المصالح المختصة التي تغض الطرف، فانه يلاحظ ارتفاع نسبة المتعلمين بل وتكديسهم في غرف وحجرات تمسى مجازا فصولا دراسية ناهيك عن ضعف هيئة التدريس المشرفة على عملية التلقين والتعليم بل أن التعاقد مع مدرسين وأساتذة من مؤسسات عمومية يعمق أزمة التعليم العمومي كما انه يساهم في تهاون وتكاسل المتعاقد معه في كلا الجانبين، إلى جانب غياب التكوين والتكوين المستمر انسجاما مع التوجهات العامة في مجال التدريس ويشكو اغلب التلاميذ من نقص حاد في المعرفة والتحصيل وان المستوى العام ضعيف وهذا مرده طبعا إلى ضعف وهزالة الموارد البشرية المشرفة خاصة الجانب البيداغوجي في جانب أخر ثمة مدارس تفرض على التلاميذ برامج ومناهج مختلفة بعيدة كل البعد عن الخصوصيات المحلية وهذه العملية تجعل من المتلقي غريب في المنطقة الجعرافية التي ينتمي إليها.
نعتقد أن ثمة مؤسسات لم تعد تصدر سوى الاكراهات والإعطاب لأنها تفتقر إلى جميع المقومات الضرورية وان الهاجس الأساسي الذي يحركها يتعلق بالربح بمعنى الهاجس التجاري الصرف لذلك نجد أن ثمة مؤسسات تسعر الاستفادة من خدماتها بمبلغ معين بينما أخرى لها سعر خاص بها مع العلم أنها تقدم نفس المنتوج الذي يعاني تشوهات وهنا على الجهات المعنية التدخل لحماية المواطن أي حماية المستهلك عبر توحيد مبلغ الواجب أداؤه شهريا يتناسب طبعا مع قيمة وجودة الخدمات المقدمة للزبون أي التلميذ مع ربط هذه التعريفة بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية للأسر بالخميسات.
في جانب اخر فالمؤسسات التي تشتغل بمعزل عن دفتر التحملات هناك مؤسسات خصوصية تعمل بشروط محترمة لكنها مهددة هي الأخرى في إطار التنافس التجاري ودخول مؤسسات أخرى حلبات التنافس بمواصفات متقدمة ومتطورة ( العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة من السوق) هذه الحتمية التجارية ستدفع المؤسسة المتضررة من البحث عن الربح في غياب الجودة ويبقى الضحايا طبعا التلاميذ.
إن معالجة أزمة المؤسسات الخصوصية بالخميسات ومحاربة جميع أشكال الابتذال خاصة الفوضى التي تعرفها مؤسسات بعينها والتي لم تعد تخضع لاية مراقبة بل يتم تشجيعها على تسجيل أعداد الممدرسين أكثر من المرخص به قانونا وغيرها من الانفلاتات عملية تطرح المسؤولية المشتركة بين جميع القطاعات الفاعلة كما أن الجهات المعنية بالمندوبية الإقليمية ملزمة في إطار المراقبة والتتبع وتفعيل المقتضيات القانونية مع التشديد على جودة الخدمات وتوفير الحاجيات الأساسية خاصة بنية الاستقبال والموارد البشرية اللازمة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق